الكتاب: يوميات طبيب نفسي
تأليف: د. حسين هاشمي
عدد الصفحات: 433
القسم: علم نفس
نوع الملف: Pdf
حجم الملف: 7,7 ميجا بايت
عدد التحميلات : 16437 68
نبذة عن الكتاب:
مع انفرادي بـ «ترانه» شعرت أنها انتكست في حزن بركن من الأريكة و هي تسرح في بحر أفكارها، كأنها ينست من كل شيء فاضطرها قنوطها للإستسلام لمصير مجهول.
كانت في الثانية عشرة من عمرها عندما جيء بها إلى عيادتي لتعودها على تنتيف شعر حاجبيها، رموشها و مقدمة رأسها، كنت قد رجـوت أمـهـا قـبل لحظات أن تتركني أنفرد بابنتها فامتثلت لطلبي دون أن تكون «ترانه» نفسها راغبة في ذلك، فشيّعت أمها و هي ترمقها بنظرات تطالبها بعدم مغادرة الغرفة و ترجوها بالإمتناع عن الخروج، لكنني التزمت موقفي بجـد فـتركت الأم الغرفة.
اختلينا نحن الإثنين، أنا و ترانه، خلافاً لرغبة الفتاة، مرت لحظات في صمت، كانت الفتاة تشعر باضطراب و اكتئاب شديدين و مظهرها و سلوكها يوحيان بأنها تعاني من لون من الإكتئاب يدعى «العجز المتعلم»، فموازين عقلها الطفولي أو بالأحرى الغض، تشير عليها بأن عيادة الطبيب النفساني هو محل يتردد عليه المجانين أو من يحتمل القاء القبض عليهم لإلحاقهم بـدور المجانين، ربما كان يخيل إليها أن المتواجدين هنا سيعرضونها مثل الكثير ممن يحيطون بها إلى وابل الإنتقاد و المؤاخذة على مثل هذا التصرف الأبله أو سترغم على الأقل على تعاطي حقن مؤلمة أو دواء مر يوصف لها ها هنا، و من ثم سيناديها الجميع بعد ذلك «مخبولة» بالضبط كـان أبـوهـا يـصـف أمـها لابتلائها بآلام الصداع النصفي أو كما كانت أمها تخاطب أباها بهذه اللفظة تعاطيه الأدوية المنومة.
كانت «ترانه» غير راغبة في مراجعتي لأنها ليست مخبولة، كانت الفتاة تصطحب هذه الأفكار خلال اللحظات التي ساد فيها السكوت، إنها أفكـار ترسخت في مخيلتها خطأ خلال السنوات الماضية، و حتى أمها كانت تؤمن بهذه الأفكار إلى ما قبل أيام قليلة، و هذا ما جعلها راغبة في معالجة «تـرانـه» بمساعدة طبيب أخصائي بالأمراض الجلدية، و قد حاولت فعلاً تحقيق ذلك بمراجعة طبيب أخصائي أزعجها بقوله: علاج ترانه يحتاج إلى استشارة طبيب أخصائي بالأمراض النفسية.
مقتطفات من كتاب يوميات طبيب نفسي:
- " إن أية فتاة ذكية في سن الثانية عشرة تفهم وتدرك أكثر بكثير من أقرانها من الفتيان من نفس الخصائص وهذا ما دعا كبار علماء الروح والنفس أن يحددوا سن الثامنة عشرة لتكامل عقل الإناث و سن الأربعين للذكور! كنت قد شعرت بأنها تفهم كل ما أقول، و كنت إلى جانب ذلك قد اتخذت معها خلال الأسبوع الأخير سلوكاً يشحنها بثقة عالية بالنفس ويشعرها بالمسؤولية وبحيوية دورها في المساهمة معي في اتخاذ هذه الخطوات."
- " ـ لا أعلم ربما تكونان أجدر مني باتخاذ القرار، و لكنك إن تسألني عـن رأيي فإنني على استعداد أن أعقد معكما جلسة مشتركة لأسوي الخلاف بينكما دون تحطيم كبريائك و الإستهانة بك أو المساس بعواطفها النسوية مستغنين عن التباحث و الإستدلال الطويل حول ما بدا من كلاكا و عن تحديد الآثم منكما، اتركا هذه القضية لي."