قراءة وتحميل رواية دقات الشامو تأليف عمرو عبد الحميد
"دقات الشامو"، هي رواية للكاتب عمرو عبد الحميد، و تعتبر الجزء الثاني لرواية قواعد جارتين.
نبذة عن رواية دقات الشامو:
كانت الرحلة من جويدا إلى مدينة « بريحا » الشمالية شاقة للغاية علي وعلى آدم ، خاصة اتخاذنا طرق جانبية كثيرة لاجتياز ذلك العدد الكبير من دوريات الفرسان المتناثرة على الطرق الرئيسية القريبة من جويدا ، خشية أن يكون بإحداها ذلك الضابط الذي هشم الطفل أنفه بالحجارة كما أخبرتني الفتاة النسلية التي عثرت عليه في شوارع جويدا، اسمي سيرين ، أربعة وثلاثون عاما ، فتاة جارتينية شريفة من مدينة « طبيرة » ، أقرب المدن الجارتينية إلى جويدا . على عكس شریفات چارتين لم أحظ بحياة مرفهة قط منذ طفولتي ، كان أبي سببا رئيسيا في ذلك ، بعدما انفصل عن أمي قبل أن أكمل عامي التاسع ، ليتركني أنا وأختي التي تكبرني بعامين في مواجهة الحياة بمفردنا خاصة مع مرض أمنا وموتها بعد ثلاثة أعوام ، لأجد نفسي ي سن الثانية عشرة أحمل مطرقة في إحدى ورش الحدادة ، تغطي وجهي وثيابي طبقة من الركام الأسود ، وأعمل مرغمة بالمهنة الشاقة التي وفرها لي أحد أقاربنا الذي أقر من نفسه بعدم حاجتي للمدرسة بعد ، لتمضي الأيام بثقلها الشديد نحو بلوغي ، أقصى ما أطمح إليه في هذه الدنيا هو أن ينتشلني أحدهم بالزواج ويريحني من تلك المعاناة ، غير أن أبي النذل لم يترك لي تلك الفرصة حتى ، بعدما فعل آخر شيء كان ينقص رحلة شقائي ، واجتاز القاعدة الأولى ، وهرب من المدينة دون أن يقدم نفسه إلى وادي حوران عند بلوغه عامه الخمسين ، ليعلن القاضي إدانته بالنسلية ، ويعلن اختصام الروح لأجنة نسله جميعهم ، وأحرم أنا وأختي من إنجاب أطفال أحياء قبل أن أتم عامي الخامس عشر . لم أفهم قسوة ما فعله أبي بنا إلا عندما عبرت عامي العشرين بخمسة أعوام كاملة ولم يتقدم شاب واحد للزواج مني أو من أختي ، ومع سخافة الزبائن في تلك المدينة وانتهازهم ضعفنا وعدم كفهم عن التحرش بنا أخبرت أختي برغبتي في الانتقال للعيش في جويدا ، المدينة الكبرى التي لا يعرف سكانها بعضهم بعضا ، وتتوه بين أخبارها الكثيرة التفاصيل الصغيرة مثلنا ، رفضت أختي أن ترافقني وفضلت إكمال حياتها في المدينة التي تعرفها ، أما أنا فانتقلت إلى جويدا ، وتزوجت بالفعل من شاب هناك في عامي السادس والعشرين دون إخباره بعلتي ، ظنا مني أن حبي الذي سأقدمه له قد يعوض رغبته يوما ما في إنجاب أطفال ، لكن مع ولادة طفلي الأول ميتا وكذلك أجد أمامي سوى الاعتراف له بعقوبتي ، اعتقدت أنه قد يسامحني بعد السنوات الثلاث التي عشناها سويا ، لكنه لم يمهلني دقيقة واحدة ، وجذبني من شعري بقوة دون تفكير ، وجرني إلى خارج البيت ، قبل أن يلقي بي في الشارع ، ويغلق الباب من خلفي دون أن يقول كلمة واحدة ، لأعود للشقاء من جديد الثاني لم لي ، مع اشتهاء زوار تلك البيوت لم أرغب في العودة إلى طبيرة أوالعمل في الحدادة مرة أخرى بعد التوقف عنها لثلاثة أعوام ، وبين حاجتي الماسة للمال وحالة اليأس التي أغرقتني من رأسي إلى أخمص قدمي ، أوقعني القدر في أحد شياطين أشراف جويدا الذي أغواني بالعمل خلسة في بيت للرذيلة يمتلكه بعد عزوف كثير من النسليات عن العمل هناك في السنوات الخمسة الأخيرة ، وأغراني بالأجر الكبير الذي سأتقاضاه كل ليلة والحماية التي سيوفرها خاصةً للشريفات الباغيات أكثر من النسليات ، لأقضي ليالي في ذلك البيت لا فرق بيني وبين النسليات إلا وشم أكتافهن ، أتحمل كافة أنواع الاعتداءات دون شكوى واحدة خوفا من أن يشي بي أحدهم ، و أعتقل على جريمتي بممارسة الرذيلة وأصير نسلية أنا الأخرى ، لتمر خمس سنوات كاملة لي بين تلك البيوت رأيت فيها كافة أنواع الفاسدين من أشراف چارتين ، واكتشفت مدى الزيف الذي تعيشه بلادنا المكنسية بالقواعد شكلًا إلى أن التقيت شهد ، الفتاة النسلية التي حدثتني عن آدم، لا أعلم ماذا أصابني حين رأيت ذلك الطفل ، ولماذا تعلق به قلبي إلى ذلك الحد ، وحين أخبرتني قصته وعما فعله معها بالميناء الجنوبي وحدثتني عن تخوفها بأن يعتقل معها فيكون وشم النسالي مصيره دون ذنب وجدت عقلي يفكر بالقرار الذي أجلته لسنوات ، وبدأ داخلي يلح على بأن الوقت قد حان لترك بيوت الرذيلة ، بل ترك جويدا بأكملها والانطلاق بعيدا عن هذه المدينة التي حملت لي كثيرا من الأيام المؤلمة ، فعرضت عليها أن أتولى رعايته بعدما يأست في الوصول إلى أبيه وتزايد شعورها بقرب اعتقالها مع الحملات الكثيرة الأخيرة ضد النسالي ، فوافقت دون جدال، ثم انتهزت معرفتي بفارس فاسد، كان دائم التردد على بيت الرذيلة الذي كنت أعمل فيه ، فساعدني على استخراج صك شرف مزور باسم آدم على أنه ابن أختي بعدما تأكد بنفسه أن الطفل لا يحمل وشما ، ونال مني وعدا بأن أغادر جويدا في خلال أيام انتظرت أن أرى الفتاة النسلية من جديد لأخبرها عن وجهتي ، لكني لم ألتقيها مجددا ، فجمعت ما اكتسبته من مال ، و اشتريت حصانا و عربة ، و بدأت رحلتنا أنا وآدم إلى بريحا ، أبعد المدن الجارتينية عن جويدا.
مقتطفات من رواية دقات الشامو:
- " لا أعلم إلى أي وقت سيطول هذا، لكن من قراءاتي القديمة للبلاد التي تغيرت فيها أحوال المنبوذين، لم يحدث الأمر بين ليلة وضحاها ، استغرق الأمر جهد سنوات ، ما علينا سوى الحفاظ عما فعلته غفران وزرعته في هذا الوادي منذ مجيئها ، ربما يأخذ الأمر سنوات لكننا سنواصل البناء ، وأعني هنا بناء الأشخاص ، أشخاصا متعلمين يعرفون حقوقهم، نستغل كافة الفرص التي قد تتاح لتعليم كل صغير نسلي ، وتربيته على كونه شريفا داخل عقله ، ليكون مصطلح النسالي ليس إلا كلمة يمحوها الزمن مع تقدم سنواته، قد تتأخر النتيجة لكن طالما نسير على الصراط الصحيح سنصل لا محالة.."
- " هبطت الوادي إلى سيدتي لعلهم قد عادوا إليها وآثروا ألا يصعدوا إلى الوادي المظلم ، فأخبرتني أنهم لم يعودوا إليها كذلك، افترضت أن يكون زردق وزوجته قد عادا إلى واديهما الذي جاءا منه ، فقالت في قلق بأن سوار لم يعد هو الآخر ، أسرعت إلى الحانة حيث كان هناك احتفال بإحدى نساء النسالي التي حصدت روحا نسلية لجنينها ذلك الصباح، و سألتها إن كان حدث شيء غريب في الباحة ، أو إن كانت قد رأت سوار هناك ، أجابت المرأة بأنها لم تلاحظ أي شيء غير معتاد بالباحة، سألتُ غيرها ممن ذهبن إلى هناك كانت إجابتهن جميعا الشيء ذاته، عدت إلى سيدتي وأخبرتها بما قالته النساء.."
- " كنت أعلم أنها مثلي تفترض بداخلها أسوأ الظنون ثم مرت ساعات أخرى من الليل عاد معها معظم من كانوا ينتظرون الاحتفال بالوادي المظلم إلى كوخ السيدة ، ولما علموا بعدم عودة سوار وزردق وعروسه اقترح بعضهم بأن يذهبوا إلى جويدا لمعرفة الأمر ، لكن سيدتي رفضت ذلك ، وسألتنا أن نعود إلى أكواخنا لننال قسطا من الراحة.."
تحميل رواية دقات الشامو Pdf:
كتب ذات صلة