قراءة و تحميل رواية فتاة الياقة الزرقاء تأليف عمرو عبد الحميد- مكتبة خطوتي
الكتاب: فتاة الياقة الزرقاء
تأليف: عمرو عبد الحميد
عدد الصفحات: 265
القسم: روايات عربية
نوع الملف: Pdf
حجم الملف: 20.1 ميجا بايت
عدد التحميلات : 150
نبذة عن رواية فتاة الياقة الزرقاء:
"فتاة الياقة الزرقاء"، رواية للكاتب عمرو عبد الحميد، تدور أحداثها في المستقبل، عاما بعد عام ، فهمت لماذا لم تكن سوزان طفلة عادية ، ولماذا اهتم بها أقاربنا إلى ذلك الحد ، و لماذا زارنا ضابط الشرطة قبل وصولها بأيام كي يتفحص معيشتنا ، ولماذا صرتُ أنا وأبي وأمي نخضع لفحص طبي إجباري كل شهر بعد أن تفحص فحصا مبالغا فيه من الطبيب نفسه ، ولماذا ولماذا كان الأمر جميعه تعلقا بالجائحة التي أصابت العالم قبل قرنين ونصف ، قال السيد لبيب ؛ معلم الصف ، وهو يشرح لنا عن تلك الجائحة في عامنا الأخير بالمدرسة الابتدائية : - كانت سنة 2070 الميلادية بداية كل شيء ، بدأ الأمر في دولة إفريقيا الوسطى بوفاة كل المولودات الإناث خلال شهرين من ولادتهن ، لم يهتم العالم وقتها بذلك الحدث الغريب في تلك الدولة الفقيرة ؛ معتقدين أن الأمر يتعلق بأوبئة محلية كانت تنتشر بكثرة هناك في تلك الآونة ، لكنهم لم يسلموا من الأمر ذاته بعدما أخذ ذلك الشبح المخيف يتسلل تباعا من دولة إلى أخرى ليخضع دول العالم كلها ويسدل ظلامه على كل المواليد الإناث في أرجاء الأرض جميعها خلال عامين فقط ، ما إن تولد الأنثى حتى تنتشر الخلايا السرطانية في جسدها دون سبب مفهوم لتلقى حتفها في أقل من شهرين ، حتى إن كثيرات من الحوامل في تلك الآونة كن يفضلن إجهاض أجنتهن عمدا ما إن يعرفن أنهن إناث، و تنهد متابعا، اكتشف العلماء فيما بعد أن نقطة بدء تلك الأورام كانت تكمن : الجدار الخلفي للرحم ، وسرعان ما اكتشفت المختبرات الكبرى خللا چينيا غريبا ولدت به أرحام الإناث المصابات ، ثبت فيما بعد علاقته الوطيدة بذلك السرطان المميت ، ليكون ذلك الاكتشاف نقطة النور الأولى في النفق المظلم الذي هدد حياة البشرية ، وإن لم يفهم السبب الحقيقي لذلك الخلل ، أو لأكون أكثر دقة ، لم يفهم السبب حتى الآن ، وضعت بعض الاحتمالات والنظريات وقتها ، تفترض تعلق الأمر بالطاقة النووية والتعديلات الجينية للمحاصيل الزراعية التي سادت في تلك الأوقات ، لكن تلك الافتراضات صارت لاحقا محض هراء بعدما منعت بعض الدول استخدام تلك الأنواع من الطاقة والتكنولوجيا واستمر الأمر كما هو كل هذه السنوات، ثم عرض لنا عبر العارض الضوئي فيلما تسجيليا يعود إلى عام 2072 م ، كان عن مؤتمر قائم في قاعة كبرى تمتلئ بالعديد من السيدات والسادة ذوي البشرات المختلفة والبذل الأنيقة ، يدش بعضهم في آذانهم سماعات أذن خارجية تترجم خطاب المتحدث ، وقال حين ظهرت على الشاشة سيدة خمسينية شقراء تستعد لإلقاء خطابها من فوق منصة القاعة أمام ذلك الجمع الغفير : إنها « مارثا سكوت » رئيسية منظمة لصحة العالمية في تلك الحقبة .
وسكت لنركز في حديثها الذي كان مترجما في أسفل الشاشة إلى اللغة العربية : - السيدات و السادة ، أود أولا أن أقدم تعازي إلى من فقدوا أطفالهم خلال المدة السابقة في شتى بقاع الأرض . ثم تنهدت ، وقالت دون أن تنظر في الأوراق أمامها : - تحدثت وسائل الإعلام في الأسابيع الماضية عن اكتشافنا الخلل الجيني المستجد المصاحب للجائحة الجديدة ، نعم إثني أؤكد للجميع اكتشافنا ذلك الأمر ، لكن في الوقت ذاته أؤكد أنّ مختبراتنا لم تجد بعد سببا واضحا لوجود ذلك الخلل ، كما ادعت بعض المنصات الإعلامية ، لحسن الحظ أجمعت البحوث التي وصلت إلينا من أكثر من ثلاثمئة جامعة ومعهد بحثي من مختلف أنحاء العالم ، على نجاة المولودات بعد استئصال أرحامهن خلال ثلاثة أيام من الولادة لا أكثر ، نعم ندرك أن ذلك ليس حلا جذريا ، ولكنا نرى أنه حل مؤقت لإيقاف نزيف الوفيات الذي أصابنا في العامين السابقين ، لذا نقرر -نحن في منظمة الصحة العالمية موافقتنا على إجراء الجراحة العاجلة المتمثلة في استئصال رحم كل مولودة حديثة بعد ثبوت الخلل الجيني في خلايا رحمها ، مع الحفاظ على المبيضين ، وسنوفر كل الدعم طبيا و ماليا للدول التي تحتاج إلى ذلك ، و صمتت لثانية ، ثم أكملت بنبرة حزينة : - من اليوم نأسف بأن تكون نساء الأرض الحديثات بلا أرحام، و ليرحمنا الله وليقدم لنا العون والهداية لتجاوز هذا الأمر سريعا قال السيد لبيب وهو يوقف عرض ذلك الفيلم : مع إجراء الفحوصات الجينية لكل المواليد الإناث بعد ذلك القرار ، استؤصلت في ذلك العام فقط أرحام أكثر من تسعين مليون طفلة مولودة ، والأعوام القليلة التالية شهدت أيضا أرقاما قريبة من هذا الرقم الضخم ، ومع تلك الجراحات الهائلة ظن الجميع أنها نهاية البشرية ، و خاصة بعدما أعلن رسميا فشل جميع المحاولات لزرع الأجنة البشرية المخصبة في أرحام الحيوانات أو الأرحام الصناعية . ثم صمت ، وانفرجت أساريره فجأة ، وقال : إلى أن أكتشفت أول خلية زرقاء عام 2079 م ، بعد سبعة أعوام كاملة من قرار المنظمة باستئصال أرحام الإناث حديثات الولادة ، طفلة من جزر « لوسون » في الفلبين أظهرت نتائج فحصها معه من جز الچيني سلامتها الجينية، وعرض أمامنا عبر العارض الضوئي صورا متتالية لرضيعة ذات ملامح شرق آسيوية تتصدر عناوين الأخبار بكل اللغات ، حتى توقف عند صورة كان فيها عدد من الأطباء الآسيويين يحيطون بسرير صغير ترقد فيه الطفلة مرتدية سترة بيضاء ذات ياقة زرقاء كبيرة ، وقال : - كانت « إيفا باديلا » الطفلة المكتشفة الأولى التي تنجو من الخلل الچيني ، غرفت في ذلك الوقت بذات الياقة الزرقاء ؛ نسبة إلى ياقة شترتها التي كانت ترتديها في هذه الصورة . ثم أردف : - لم تكن إيفا الطفلة الأخيرة التي أتت إلى الحياة دون خلل چيني ، منح الله عالمنا إناثا كثيرات في الأعوام التالية ، ظلت أعدادهن تزداد في دول العالم حتى صارت نسبة الفتيات اللاتي يولدن - برحم سليمة مقابل الفتيات اللاتي يخضعن لجراحة استئصال الرحم الطارئة ، ثلاثين فتاة من بين كل ألف مولودة ، لم تزد النسبة في أي بلد على هذه النسبة قط . وقال وهو يعرض لنا صورا لرضيعات يرتدين سترا بيضاء ذات باقات زرقاء : سميت الناجيات عالميا بذوات الياقات الزرقاء أو الخلايا الزرقاء تيمنا بإيقا ؛ قبلة الحياة الحقيقية لهذا العالم الحديث ، وصارت تلك الفتيات مسؤولات عن بقاء البشرية حتى إشعار آخر . لدينا في قريتنا ثلاث منهن ، لا تزال واحدة تعيش بيننا . وأشار نحوي فجأة ، وقال بابتسامة عريضة : إنّ ليلى لديها : يا كنز في ؟ وسألني : - كم يبلغ عمر أختك الآن ؟ أجبته في ارتباك شديد من سؤاله المفاجئ : أربع سنوات سيدي . - بيتها . مقدم بواسطة قال موجها حديثه إلي وإلى بقية التلاميذ في الفصل : لديها اثنا عشر عاما أخرى قبل أن تغادر القرية لتبدأ رسالتها السامية التي خلقت من أجلها . لم أنطق بشيء إلى السيد لبيب ، لكني صرخت داخل نفسي متعجبة : تغادر إلى أين ؟! للأسف كانت تلك الحقيقة التي لم تخبرني بها أمي ، كان على سوزان أن تغادر بلا رجعة إلى محميات الخلايا التابعة لبنك التخصيب مع وصولها عامها السادس عشر ، في مقابل ذلك سيستمر منح الحكومة أسرتنا امتيازات إضافية لا تتمتع بها إلا أسر الخلايا الزرقاء ، وحتى لو لم تكن لدينا تلك الامتيازات ، لم يكن في مقدورنا رفض رحيلها عنا أبدا ؛ كان ذلك قدرها منذ مولدها، و رغما عن الجميع كان عليها أن تكمل مساره حتى النهاية.
مقتطفات من رواية فتاة الياقة الزرقاء:
- " بعد عام واحد صارت أسرتنا الصغيرة خمسة أفراد، وصل إلى بيتنا مع أبي وأمي يونس ؛ أخي الجديد، المولود الإضافي الذي منحته لنا الحكومة ضمن امتیازات وجود سوزان بيننا ، وأوفت أمي بوعدها لي، و أطلقت عليه الاسم الذي اخترته في حديثنا تلك الليلة ، بالطبع لم يستقبل كما استقبلت سوزان ، بل لم يهتم أحد من أقاربنا بمجيئه من الأساس بعدما أبلغنا المخفر أنه ذكر، لكن أحدنا لم يكن يعرف أنه القنبلة الموقوتة التي أتت إلى الحياة صدفة لتدمر كل شيء فيما بعد.."
- " يقع مخفر الشرطة في طرف القرية الشرقي ؛ بناء كبير ذو واجهة زجاجية كانت تلمع بشدة ، أشعة الشمس وقتما ترجلنا من سيارة أبي لندلف إليه ، بعثت الممرات الداخلية المتشعبة التي سرنا فيها بعد عبورنا بوابة التفتيش ، القلق في داخلي ، فلا أحد ؛ الإضاءة الخافتة يحب ولا السقف المنخفض ولا الجدران الرمادية الداكنة ، وتلك الثلاثة قد اجتمعت في هذه الممرات اللعينة."
- " في حين تظهر في جانبها البعيد مكاتب متجاورة زجاجية الجدران ، يشغلها موظفون ذوو بذلات أنيقة.."