رواية أمواج أكما تأليف عمرو عبد الحميد- مكتبة خطوتي
رواية أمواج أكما، للمؤلف عمرو عبد الحميد، و هي الجزء الأخير من ثلاثية قواعد جارتين ، التي تضم رواية دقات الشامو.
نبذة عن رواية أمواج أكما:
لم يستغرق الأمر كثيرا من الوقت بعد رحيل الطبيب السجين مع النسالي الزائرين لتهدأ الأجواء إلى حد السكون ، ومع توقف المطر عن هطوله تجمعت قواي الخائرة ، ونهضت من رقدتي بالزنزانة ، وخطوت في حذر شديد إلى الرواق الممتد أمامها ، لأكمل طريقي بقلب مضطرب إلى الباب الرئيسي لذلك الطابق من الزنازين أتفادى بقدمي جثث الجنود التي تناثرت في كل الممرات غارقة في دمائها ، إلى أن وصلت سلم السجن ، وهناك وجدت مزيدا من الجثث تتناثر على درجاته السفلية ، فخشيت أن أكمل طريقي إلى أسفل ، وصعدت في حذر إلى أعلى تجاه السطح الذي كنت أعتليه أثناء مراسم يوم الغفران ، لأجد كل الجنود الذين كانوا يرقدون بأسلحتهم من أجل اقتناص النسالي بالباحة قد قتلوا جميعا ، ومعهم ذلك القائد الذي كلفه . عمي بإشعال الشعلة الكبرى بعد إعدام الرامية ، بعدها وقفت على حافة السطح المواجهة لباحة جويدا وألقيت نظرة إليها ، لأرى أرضها قد اكتظت بجثث أشراف چارتين وجرحاهم على امتداد مساحتها ، فيما اختفى جميع النسالي سواء كانوا عاديين أو زائرين، ركضت إلى الحواف الأخرى وتفحصت بعيني الشوارع المجاورة للسجن ، كانت جميعها خاوية إلا من بعض الجرحى الذين عجزوا عن مواصلة الفرار بعيدا وقبعوا في أماكنهم يتأوهون في انتظار نجدة قد تأتيهم .. ثم تأكدت من عدم وجود أي نسلي بالأسفل ، فهبطت السلم راكضا بأقصى سرعة لي ، لأغادر ذلك السجن إلى الشارع المؤدي إلى بيتنا ، وبعدها لم تتوقف ساقاي عن الركض إلى أن وصلت بابه ، لتتلقاني أمي غير مصدقة بعدما ظنت لوهلة أنها قد فقدتني ، سألتها على الفور : - أين أبي ؟! قالت في توتر وهي تتفحص جسدي بحثا عن أي إصابة بي : - لم يعد بعد ، قال أحد الجيران بأنه قد رآه على مقربة من دار للنشر الأمن قبل قليل مع عمك كيوان . - نعم لقد غادر في البداية قالت أمي في خوف شديد : - هل ما سمعنا به يصل إلى ذلك الحد الكارثي أم أن الناس يهولون الأمور ؟! نظرت إليها وإلى أخوي اللذين وقفا يترقبان حديثي ، وأومأت برأسي إيجابا وقلت : - لابد أن نغادر جويدا في أسرع وقت . فهزت رأسها إيجابا في توتر ، وقالت : سنفعل ، و لكن علينا أن ننتظر حتى يعود أبوك، حزمنا أمتعتنا جميعا ، وحزمت أمي أمتعة أبي ، وبقينا في انتظار عودته بفارغ الصبر من أجل الرحيل إلى بريحا والبقاء هناك في مأمن بعيدا عن النسالي وعن جويدا التي صارت غير آمنة بالمرة ، لكن عودته قد تأخرت كثيرا تلك الليلة ، فتركت أمي وأخوي ودخلت إلى غرفتي . كان السكون في ذلك الوقت بالخارج قاتلا ، جلست خلف نافذتي المواربة أنظر إلى الشارع الخاوي أمامي وأتطلع إلى السماء في إنصات شديد محاولا تبين أي صوت للطبول أو أصوات زئير جديدة قد تأتي معها هجمة أخرى من هجمات النسالي المتوحشين ، ثم أجفل جسدي حين ظهر صوت مفاجئ في الشارع أمامي ، لكني هدأت حين وجدتها عربة خشبية تحمل إحدى الأسر التي بدت وكأنها اتخذت قرارها بالرحيل عن المدينة قبل طلوع الفجر ، ومن بعدها تكرر ذلك الأمر مرات عديدة، وجدت أخي يدلف إلي ويعطيني سلاحا ناريا كنت أعرف أنه من أسلحة أبي ، وقال وهو يحشو سلاحا آخر لنفسه بطلقات من البارود الحي :
- ربما يكون ذا فائدة إن أتوا من جديد، فهززت رأسي نافيا ، و قلت في يأس، لن يفيد ذلك شيئا ، لقد رأيت بعيني كيف تتحمل أجسادهم العديد من الطلقات النارية ، كذلك رأيت سرعة الإنقضاض التي يمتازون بها، سألتني أختي التي كانت تقف خلف أخي مرتعبة الجسد : - هل يأكلون قتلاهم ؟! قلت وأنا أنظر إلي عربة جديدة تحمل بعض الأفراد و تعبر الشارع من أمام بيتنا، إنهم يقتلون فحسب ، تركوا وراءهم العديد من الجثث . سألني كرم : - لماذا انسحبوا إذن طالما لم تستطع الأسلحة الخفيفة فعل شيء معهم ؟! - لا أعلم ، إنهم يدركون ما يفعلونه ، لقد رأيتهم يحمون الرامية من طلقات الجنود ويحررون النسالي المحتجزين ، كما حرروا شخصا غريبا كان محتجزا بإحدى الزنازين ورحبوا به ، قال ذلك الشخص بأن أخبر عمي بأن عهد القواعد قد ولى ، ربما انسحبوا لينظموا صفوفهم استعدادا لهجمة أكثر شراسة يستطيعون معها القضاء علينا جميعا، قالت أختي في تذمر كبير : - لماذا تأخر أبي كل هذا الوقت ؟ علينا أن نغادر . النشر والتوزيع قلت : - لا بد أنه يفكر مع عمي فيما سيحدث بالأيام القادمة خاصة مع بقاء مدافعه في الجنوب دون القدرة على استعادتها، ثم رأيت عبر النافذة أحد الفرسان يقترب بحصانه من بيتنا ، ولم تمر بضعة دقائق حتى وجدت بابنا يطرق ، فأسرعت أنا وأخواي إلى الردهة عندما فتحت أمي الباب ، فقال ذلك الفارس بأن أبي من أرسله إلينا بغية الاطمئنان على سلامتنا جميعا وإخبارنا بأنه سيتغيب لبعض الأيام بعدما عين مستشارا حربيا للقائد كيوان ، وهم الفارس بالمغادرة ، فومض في عقلي في ذلك الأوان النقاش الذي دار بيني وبين ه عمي الذي ، قتل على سطح السجن بشأن صديقي آدم ، وعن استحالة كونه حفيد العجوز خشيب ، واهتمام ذلك القائد بإبلاغ عمي عن ذلك الأمر على الفور دون انتظار الانتهاء من يوم الغفران ، فصمت للحظة قبل أن أنطق إلى أمي : - أريد أن أرى أبي وعمي . قالت أمي : - لم يعد هذا وقتا للمغامرات . قلت : مساعد إننا في حالة حرب الآن يا أمي ، وعلى بعد خطوة صغيرة من القتل على يد النسالي . وصمت للحظة أخرى من التردد ، ثم قلت وأنا أنظر إلى الفارس : الم - إنني أعرف شيئا قد يفيد أبي وعمي في هذا التوقيت . نظرت إلي مستغربة فيما نظر إلى الفارس مترقبا ، فتابعت، علي أن أخبرهما بشيء يخص صديقي آدم.
مقتطفات من رواية أمواج أكما:
- " بعدها صدر الزئير الثاني ، ثم الثالث ، ثم الرابع ، ولم تمر لحظة واحدة بعد ذلك دون سماع زئير جديد وسط صراخ الأشراف المرتعبين الذين بدأوا في الفرار والركض عبر بوابات الباحة و أسوارها المنخفضة غير عابئين بما قد تسببه أطرافها الحديدية المدبية من إصابات بالغة لأجسادهم، كان كيانه لا يزال يقف أمامي ينظر إلى ما يحدث في الباحة دون أن يحرك ساكنا.."
- " نظرت عن قرب وقتها إلى هيئة النسالي الزائرين المختلفة من واحد إلى آخر ، ورأيت ما يفعلونه بأشراف چارتين المرتعبين وجنودهم الذين ظهروا بلا حول ولا قوة أمام سرعة انقضاضهم ، لأدرك لحظتها أن مصير چارتين قد تبدل في ذلك النهار."
- " ثم التف بنا الطريق حول سفح جبل كبير ليؤدي إلى طريق آخر كنت أعرف أنه ينتهي بثاني أكبر وديان النسالي بعد وادينا ، لم يخل ذلك الطريق هو الآخر من المدافع المتناثرة المشتعلة، و كأن النسالي من حولي قد فهموا اهتمامي الكبير بإحضار الذخائر إلى الجنوب كان العدد من وراثي يتناقص مع مرورنا بكل مدفع اثنين أو ثلاثة منهم ، حتى تبقى معي أربعة فقط ، اثنان زائران و اثنان غير متحولين."
تحميل رواية أمواج أكما Pdf: