كتاب مرض العصر تأليف مجموعة مؤلفين تحت إشراف بن عطاالله مهدية / منزول فاطمة- مكتبة خطوتي
لمحة عن الكتاب:
تلازم فراشها طوال اليوم وتعتريها رغبة جارحة في اعتزال كل ما حولها، تتذكر كيف كانت مخدوعة بمخدر الحب، خائنة لثقة والدها الذي وضعها كل أماله فيها، و هي تعلم أنها على طريق لا رجوع منه، و تعرف أيضا أن الحالة التي وصلت لها لا تناسب ربيع شبابها، و تدرك جيدا أنها هي التي ستتحمل عواقب هذا الطريق لوحدها، فكانت تسند رأسها على صدره العريض العاري وتداعب وجهه، و تحدثه في مواضيع شتى و يضحكان معا، تضحك و السعادة تأخذ مجرى جميلا إلى حياتها، ظنا منها أنها هي زوجة له في المستقبل القريب، و أنها ستكون أروع أم عند إنجابها منه لملاك يشبهه، تحلم في الحياة التي ستعيشها مع فارسها الجشع الذي كان يضحك على غباءها الذي لا يحتمل، و درجة تفاهتها، هل تعتقد أنه سيأخذ منها شرفها بكل هذه البساطة ويتزوجها، بدون أي عقود أو شرع الله، هل تعتقد أنه سيتزوج من خانت والداها من أجل ليلة واحد بين أحضانه، مفتقدة لحنان عائلتها فبحثت عنه في المكان الخاطئ، يتوعدها بالكذب أن يتزوجها و علامات الخبث و الشر تسري على ملامح وجه، و كل هذا من أجل الوصول إلى مبتغاه، و هو تصادق جسدها ببعضها البعض، يقبل كل انش من جسدها، فيما كانت هي تضع حجابها النجس على رأسها، مع لبس يظهر مفاتنها أخذ يقبل يدها بكل امتنان و خداع، لكي يحظى بلقاء آخر أكثر تشويقا من هذا، بعد دقائق قليلة كان يفتح عيناه و يحاول تذكر ما حدث معه، كان معها في وضع لا يحسد عليه، كانت تنظر له و كأنها تقول له، كنت لك المعبر لتنعم بأمان، كنت البلسم الذي يخفف ألامك، كنت لك الدنيا وما فيها، و أنت الأن تقف أمامي وكأنك لا تعرفني ولم يسبق لك وعرفتني، وقف على جثتها و هي حليقة الشعر، عارية الجسد و أمامه مجموعة من الرجال لا يعرف منهم إلا واحد، أب الذي كان يضع رأسه في الأرض من شدة حسرته على ما أنجب، هل هذه التي رباها و تعب عليها كل هذه السنين، لتجازيه برؤيتها بهذا المنظر، كان محبطا حزينا مستاء من الكون بأكمله، يشعر بأن قلبه يؤلمه كثيرا، عيناه لا تذرف دموع بل دم، حرقتا في مشاعره، روحه ممزقة ألف جزء، جسده يتألم كأنه هو من طعن و ليست هي، لسانه يريد البوح بما يشعر ولكن خانته الكلمات، راح يسقط على أرض و كأن جبل أنهز و سقط بدون حراك، انتقل الأب إلى رحمة الله عز و جل، بسبب سكتة قلبية، هذا هو السبب العلمي لموته، و لكن السبب الحقيقي لهذه الحادثة هو الخيانة التي تعرض لها.
مقتطفات من كتاب مرض العصر:
- " شعور غريب يجتاحني تنساق له أطراف جسدي، قشعريرة غريبة تنساب معي، برودة كأن الجليد حولي، عجز أخضع له، إحساس تخور تماشيا معه أعصاب جسمي إرهاقا، إرهاصات حولي والفراغ داخلي حتضن بشدة أطرافي المرتجفة مربتة عليها كأنني أحاول أن أواسيني."
- " أشعر بسواد داخل فرحتي ،داخل سعادتي بل داخل كل لحظة أنوي أن أعيشها بسعادة لا أعلم ماذا أصابني؟! ، و كأنني في مصارعة مع ذاتي ألف مرة في الدقيقة ،أشعر كأن براكين وأعاصير تقام في أعماقي.."
- " أفهم فقط ما أشعر به و أتخبط به، لكنني أعجز عن تشخيصه و تفسيره، أهو اكتئاب أم داء ليس له دواء.."