كوني صحابية من تأليف حنان لاشين- مكتبة خطوتي
"كوني صحابية"، كتاب من تأليف حنان لاشين، هو رسالة إلى حبيبة عائشة و خديجة و فاطمة و أسماء ، كوني صحابية ، و استمتعي بهذا الإحساس الرائع و أنت على الطريق ، و لتنهلي من حلاوة الإيمان ولذة الطاعة ، ومري في حياتك على سوق السعادة ، وأخيرا لا تتركي الصحبة الصالحة و كوني معهم حيث النجاة.
نبذة عن كتاب كوني صحابية:
بعض العشاق يجلسون على ضوء الثريات الثمينة ، حيث تطأ أقدامهم أغلى أنواع السجاد على مقاعد توزعت بنظام دقيق ، في أرقى قاعات الفنادق المشهورة ، تتأنق الفتاة و تجلس لتهذب قطعة اللحم المستسلمة لها بخنوع بسكينها الدقيق وطرفه الحاد القاسي حتى تجعلها مناسبة لفمها الدقيق ورغم ذلك تغيب السعادة ! أما أميرتنا الأنصارية فكانت مائدتها جميلة، أميرها و زوجها العاشق الولهان لا يمل من النظر إليها ، بل و يحاول أن يجعلها تنظر إليه من آن لآخر ، ليكون الوداد، و تتعانق النظرات ، فيهمس إليها في بيتهما الهادئ بكلمات بسيطة من حين لآخر بصوته الحنون ، الذي أدبته سياط العشق طويلًا حتى تاب ، لتسمعه صوتها الودود ، كان زوجها الطيب و الكريم من الأنصار ، خرج يوما بعد أن ودعته عيناها ، ولوح القلب مطمئنا ، بعد أن تمتم لسانها بالدعاء له ، فقصد مجلس الحبيب صلى الله عليه وسلم ليتكحل برؤية وجهه الطاهر ، وينال شرف جواره . فسمع النبي وقد استضاف رجلًا فأخبر نساءه ليعددن له الطعام وكان الرد مفاجئًا ! ما عندنا إلا الماء ، التفت النبي صلى الله علي وسلم وقال : « من يضيف هذا ؟ ا ترى من ينال الشرف ؟ ، ومن يضيف ضيف الحبيب ؟ تسارعت دقات قلب أميرنا الذي تحمس ، وأراد الأجر والثواب فهب مجيبا ، وهو مطمئن أن خلفه زوجة ستعينه ، ولم يتردد وقال : أنا، استبشر النبي و مضى أميرنا مع الضيف ، و انطلق به إلى حبيبتنا دق بابها ، و أطل بوجهه الباسم ، وأخبرها بحلول الضيف ، وقال بصوت تملأه الثقة : أكرمي ضيف رسول الله، ارتبكت حبيبتنا للحظات ، و طافت عيناها بجدران بيتها البسيط بسرعة ، ثم قالت بخجل : ما عندنا إلا قوت صبياني ! رق قلبه ، وصمت هنيهة ، لكنه عاد ليبتسم ونظر إليها بيقين وقال : هيئي طعامك ، وأصلحي سراجك ، ونومي صبيانك إذا أرادوا العشاء . فأطاعته في الحال ، و لم تتأفف ، و لم تعترض ، واحتوت صغارها بحنان و جلست تداعبهم حتى أنامتهم جائعين و قلبها يتمزق، لكنها تذكرت أنه ضيف الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه الآن ضيف زوجها ، فهدأ قلبها بعد أن استمعت لأنفاس أبنائها المنتظمة ، و كأنها تسبح بحمد الله ، فقامت طائعة لربها قبل أن تكون طائعة لزوجها وحبيبها و هيأت مائدة بسيطة لا تعلوها ثريات ثمينة و ليس تحتها سجاد فاخر و لم تلتف حولها مقاعد فخمة ، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته ، وجلسا مع الضيف وحركا كفيهما وكأنهما يأكلان ، على ضوء خافت نبع من قلب يحب الله ورسوله، و مرت الليلة و شبع الضيف و الكل جائع ، لكنهما ذاقا معا لذة الإيثار، و في اليوم التالي غدا زوجها إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره أن الله أعجبه صنيعهما و أحبه ، حبيبتي في الله قد يخلو بيتك من الأثاث الفاخر ، وربما لا تمتلكين ثريات ثمينة ، و قد يأتيك زوج بسيط حاله فابحثي عن السعادة بينك وبينه ولا تفتشي عنها في ماديات تفنى ، و اجعلا لكما عملا بسيطا و صادقا يرضى الله ليكون في بيتكما « ضوء خافت » ينبع من قلب حنون صادق ، تعيشين حوله كما عاشت تلك الصحابية قد يعشق القلب ، ويحب ، ويهوى ، ويغرم ، ويتألم ، لكنه يأبى أن يسقط ، ويتعفف أيضا عن الحرام عندما تكون النفس طاهرة والروح ربانية ، والقلوب خضراء نضرة لا تدق إلا بالحلال . هكذا هي فهو نشأ معها في نفس البيت ، وتربطه بأبيها صلة قرابة ، رآها فتمناها زوجة ، قصتنا قصة حب بين قلبين من أطهر القلوب ، لكنه أبدا لم يجرحها ببصره فغضه عنها ، ولم يؤذها بهمسة أو لمزة ، وكأن قلبها يخفق بين أضلعه وقلبه شد الرحال تجاه موطن قلبها ، وبقيت حلما وظل لسانه أسيرا للحياء ، لا يملك أن يبوح بهواه هذا اللسان الطاهر الذي كان بليغا في كل شيء ، وحكيما عندما يستنطق بالحق ، وواضحا عند الرأي ، أما عندما يتعلق الأمر بها وبطلب يدها كزوجة ، كان الصمت ، وكان السكون، و يتبقى الشوق لتحقيق الحلم في الحلال ويأتي من بعده الألم . كأني أراها وهي تسير بهدوء في بيت گسته هيبة ، وسكنته رحمة وأضاءه وجه أبيها ، تتنقل على أطراف أصابعها برقة كالفراشة ، فتطير مسرورة لتحلق حوله فتقبل كفه الشريفة فيحتويها بحضنه ويسمعها أجمل الدعاء ، فهي من شدة برها له ورضاه عنها وحبه لها لقبت بـ أم أبيها.
مقتطفات من كتاب كوني صحابية:
- " الثراء نعمة ، والمال خير هذا ما كانت تعلمه حبيبتنا يقينا وهي تتجول في حديقة بيتها الكبيرة ، تسير بتؤدة وحولها الصغار بضحكاتهم البريئة وهم يتنقلون في البستان والتي أسعدت قلبها فتبسمت وأشارت إليهم ، كانت تراقب الثمار وهي تتدلى من الأشجار كاللآلئ الثمينة ، لوحة ربانية أبدعها الخالق سبحانه تجبرك روعتها أن تقول : سبحان الله ! مدت يدها وقطفت ثمرة، و استمتعت عيناها قبل لسانها فحمدت الله.."
- " عم الحزن واليتيم يبكي وجلس الجار تحيطه نظرات متعجبةً وأخرى مستنكرة ومعاتبة لكنه لم يغير رأيه، و اتسع قلب أبي الدحداح، و طمع في الجنة فسأل النبي : أئن اشتريت تلك النخلة وتركتها للشاب ، ألي نخلة في الجنة يا رسول الله فقال، فأجاب الرسول و هو مستبشر به : نعم ، فقال أبو الدحداح للرجل : أتعرف بستاني ؟ فقال الرجل : نعم يعني نخلتك مقابل بستاني، و تمت البيعة وانطلق راكضا تسبق دقات قلبه خطواته الواسعة، مناديا زوجته الحبيبة بصوت متقطع رددته جدران المدينة فرحا بهتافه : يا أم الدحداااااح اخرجي من البستان، فهو لله، قامت من مملكتها ، ونفضت كفها من الثمار ، ومسحت بقايا القضمات من على فم صغارها ، وقلبها يلبي ( لبيك يا الله ) ، و صاحت مجيبة ، و طائعة لربها قبل أن تطيع زوجها.."
- " هتفت مؤيدة له على قراره لأنها تعلم يقينا أنه لوجه الله ، وقالت بثقة : ربح البيع أبا الدحداح ، ربح البيع، و خرجت حبيبئنا من بستان الدنيا و انتقلت لجنات الآخرة، فيالها من صفقة ناجحة ويا لها من زوجة راضية أعانت زوجها على عمل لوجه الله ولم تلمة على قراره ، وحتى إن كان قلبها معلقا بالبستان، فاخرجي حبيبتي من بساتين الدنيا مهما كانت فاتنة وتصدقي بشيء تحبينه ، وقدميه بين يدي الله بنفس راضية وتقدمي لبساتين الآخرة ركوني مثلها كوني صحابية."