كتاب بصمة كاتب تأليف مجموعة مؤلفين تحت إشراف مطرفي سارة / بلميلود محمد- Ebooks-Pdf
كتاب بصمة كاتب تأليف مجموعة مؤلفين تحت إشراف سارة مطرفي / محمد بلميلود- Ebooks-Pdf
إلى كل المبدعين الذين يخفون وراء أناملهم كلمات و أحاسيس تلهب الورقة وتنزف القلم، طبتم و طابت قلوبكم.
ربما لو أن الرسائل تُقرأ بالشعورِ الذي كُتِبَت بِه، لاختلف الأمر كثيرًا، على الأقل لتمّ سماع تنهيداتٍ رغم صمتها عوض صوت الإشعارات ، لتبلّلت الرسالة ربما بين أصابعِ المُرسلة إليه الروح ، أو خرجتْ أيادٍ من حروفٍ تعانق، لا أعلم ماذا يحدث بالضبط من حولي ، ربما فقدت القدرة على السمع أيضاً تزامناً مع هذا الحالة الغريبة ، ثم ينتبه أحدهم ويقترب ويحرك هذا الذي تحول إلى كائن غريب ويقول لقد حان وقت النوم سنذهب.
انتبهت لنفسي ولم أعرفها، حاولت أن أتكلم مع نفسي ولم أستطع، ومن ثم أخيراً بعض الأفكار تتحرر بعد ما أنهكت رأسي ويقول لي:" إذا أردت أن تكوني أنتِ فاكتبي ما يحدث لكِ "، الآن لم أفهم ماذا تقصد من هذه العبارة، ومن ثم صادفت عبارة أخرى يقول لي فيها: " ما أجمل الهدوء، فكانت فرصتي لأقول ما أجمل الهدوء عندما يكون خالياً من كل ما كتبته في السطور السابقة، أي ما أجمل الصمت عندما تكون نائما".
كنت شابا مراهقا، طائشا، تاركا للصلاة، أستهلك جميع أنواع المخدرات، أقود السيارة بسرعة جنونية غير مبالي بالعواقب، أسهر طوال الليل في جلسة خمر و قمار، وذات يوم طلبت مني عائلتي أن آخذهم فى نزهة بالسيارة، كنت تحت تأثير الاقراص المهلوسة لكن لا أحد يعلم، وافقت على طلبهم بما أنني أحس بنشوة، وبينما أنا أقود السيارة و أستمتع بسرعة لم أدري ماذا حدث بعدها..،كنا نتحدث سويا، كنا مع بعض، صوت صراخ، ثم اصطدام فتحطمٌ، زجاج متطاير، أناس حولنا، صافِرات الحماية..فتحت عيناي لأجد نفسي في مكان غريب، حاولت التذكر، صورة مشتتة تتضارب أجزائها في مخيلتي، أصوات غريبة لا تزال عالقة في أذني، كانت تلك الحادثة كفيلة برمي جثةً هامدة في قعر الحياة ؛ صرت كالظل، لا أحد ينتبه له، أعطتني الحياة صفعة على خدي، و فجأة أصبحت كالجسد بلا روح، فقدت كل ما أملك، ذهب كل أفراد عائلتي ضحية سائق متهور، سُجلت أسمائهم في مقبرة الطرقات و دُفنت معهم كل أحلامي و آمالي، و يا ليتني دفنت معهم، كانت صدمتي النفسية أكبر من أن أتحملها، حاولت تجميع شتات نفسي ، لكن دون جدوى، صرت هائما في شوارع النسيان، أبحث عن ماض ذهب و لم يرحل من ذاكرتي بعد، أبحث عن ملجأ لي بين الحطام و الأمل، كنا أربعة، ذهب الأول، صرنا ثلاثة، ذهب الثاني، صرنا اثنا، ذهب الثالث، فصرت وحدي الآن، لماذا لم أذهب معهم أنا أيضا؟ ، لم يبق لي سوى شدى الذكريات المحفورة كالوشم في مخيلتي، ذهبوا و لكن دون رجعة، كان ذلك كفيلا بجعلي مشردا في أزقة الحياة ، أبحث عن مأوى بين المنعطفات و المنعرجات، أحاول إيجاد بصماتهم على أثاث المنزل، أحاول الشعور بدفء أنفاسهم، أتتبع صوت ضحكاتهم الغناءة، أسترق النظر إلى وجوههم البسامة في الصور، أتحدث إليهم بلغة المشتاق المغلوب على أمره، أرى خيالهم في المنام ؛ زوارا جاؤوني قاصدين الإطمئنان علي..حتى كلماتهم قد حُفرت صدًى في سجلات الذاكرة.
غزتني الذكريات و أرغمتني على السجود لها باكيا منهارا كالوردة الذابلة، التي زال أريجها و تساقطت أوراقها كما تساقطت من مقلتاي الدموع، و بحركة واحدة من عصا القدر السحرية صرت وحيد.
يا معشر الشباب لا ترتكب خطيئتي حذاري من فخ المخدرات، نشوة في الأول و ندم طول العمر تصبح عبدا لها، جسد هزيل، عقل ضعيف، و قليل التركيز.
يعتبر أول خطوة نحوا الإدمان، أتركه، واضب على صلاتك، مارس الرياضة، لاتترك لنفسك الفراغ ،إقرأ،أكتب قم بفعل أي شئ إلا الإنحراف .