كتاب رسائل لن تصل من تأليف طهراوي آية- Ebooks-Pdf
كتاب رسائل لن تصل من تأليف طهراوي آية- Ebooks-Pdf
إهداء إلى الذي لن تصله رسائلي، إلى الذين لن يقرؤا هذا الكتاب، و إلى الذين انتظروا بشوق صدوره، إلى كل من أجبره القدر على الدخول في علاقة سامة، و جازف بالبقاء فيها رغم تناطح الخيبات و الألم بداخله، لكنها بعد عناء انتهت تاركة وراءها بصمة لا تمحى و أثرا انغمس في صميم القلب يصعب التعافي منه، هكذا هي الحياة، تحمل لنا بين طياتها الكثير من الأقدار، تارة ما تذيقنا سكرها و تارة ما تسكب علينا مرارة لم نشهدها من قبل، فهي مبنية على أسس و نواقض لا بد منها، فأحيانا تغمرنا بفرحة تبهج خاطرنا، تمحو كل نقاط أحزاننا و تفاصيلها، و ربما العكس، فيحدث أيضا أن تكسونا بحزنها و ترمينا بسهام آلامها، و تجعلنا نتخبط بين ثنايا أوهام لا حقيقة لها، هي الحياة عبارة عن رواية استقبلتنا على خشبة مسرحها، كي يمثل كل واحد منا دورا خاصا به كالبطل و الضحية، الصادق والخائن، النمام والكذاب، و غيرها، أصبحنا نخشى من الواقع الأليم الذي بتنا نعيشه و لا نصدقه، صببنا تركيزنا على النهايات فقط و كيف ستكون، و لم نعد نأبه بعيش اللحظة بل نخمن كثيرا ماذا سيحدث بعد، و كيف و أين و متى و لماذا، و العديد من الإستفهامات التي طغت على عقولنا، حقيقة جل نهاياتها مبنية على آلام الفقد و الحزن الذي يترتب بعد الفشل، و كثير من الأحلام التي يقضي عليها الإهمال، تبقى مكاتيب من الله و قدر لن يتغير إلا بالدعاء، فعلى الكل الصبر عند البلاء، و مواصلة الحياة ، فعسى كل نفس صابرة و راضية يسقيها الله رزقا و فرحا يساوي الكون كله، رغم مصادفتها لتلك المحطات التي هدت من قواها و جعلتها مجرد جثث طرحتها مخالب الحياة أرضا، لكن هناك شيء واحد، و هو تجديد الحياة، فبدل وضع الفاصلة و المواصلة ضع نقطة و عد إلى سطر جديد مملوء بسعادة لا تدركها شساعة السماء، المهم أنك لن تتوقف عند السطور الحزينة لتقول ليت و لو، مزق الصفحات السيئة، و اشرع في صباح مليء بالحب والتفائل، بإشراقة جديدة عطرة، و كل ما عليك أن تمطر عقلك الباطن به، هو أفكارك الإيجابية التي تكسو داخلك راحة و طمأنينة.
أحيانا نصادف مواقف تجعلنا نغير آرائنا اتجاه بعض البشر، مواقف تجعل الخذلان باد على وجوهنا، واضحا وضوح الشمس و كأنه نور القمر عندما ينسكب على بحيرة في ظلمة الليل، كم هو مؤلم أن تتلقى الطعنة ممن كنت تظنه الوتين، و خاصة إن لم تكن طعنة عادية و لا علاقة عادية، و أي شيء يذكر فيها غير عادي، عن علاقة مع سايكوپاثي أتحدث أنا، ماذا لو كانت علاقة سامة و أنت الذي اختارك القدر لتكون ضحية هذا الشخص المريض، ماذا لو منحته كل الحب من دفئ فؤادك، و سقيته شلالات و جداول من بحر اهتمامك، و وهبت نفسك فداءا له، و بذلت ما لن يبذله أي شخص في سبيل إرضائه، جذفت كثيرا بقوارب الأمل عسى أن تصل للمبتغى، و في الأخير اكتشفت بأنه نرجسي! ، أي أنك قد جازفت بالبقاء في علاقة من سابع المستحيلات أن تصلُح يوما، خاطرت في سبيل الإنتماء لحضن مليء بالكذب، كنت تظنه الأصدق و الأوفى من بين الملايين في هذا العالم، خذت معاركا كبيرة و دخلت متاهات ليس من السهل الخروج منها و أنت سالم و بكامل قواك العقلية، لتتجمع الخيبات و المآسي و الآلام، و تقيم حفل زفاف لوفاة قلبك وهو على قيد الحياة، علاقة كنت تظن أنها من المستحيل أن يكون لها نقطة انتهاء يوما، لتجد أن علامة الإستفهام فقط أوقفتها قبل الوصول إلى الفاصلة، لتخرج منها و الحطام يكسو داخلك بشخصية أخرى غير التي دخلت بها، بقلب ميت، و مشاعر منطفئة، و برود لن يعبر عنه برد ألاسكا، تجد نفسك مورطا في الإنتحار البطيء الذي أجبرت نفسك على الدخول فيه، تخرج منها محملا بخليط من الخيبات والتشاؤمات ومشاكل نفسية، و بعضا من التعقيد الذي سيجعل من الأسئلة تتراوغ متناطحة في ذهنك، مع إعياءٍ داخلي نتيجة المجازفة بالبقاء و إرهاق المواصلة المنهكة، و كأنك ارتطمت بغيمة كبيرة تحمل كل سلبيات العالم، بينما كنت تمثل الغيمة الحاملة لإيجابياته فحدث بينكما تجاذب أدى إلى حدوث شرارات انتهت بنتائج معاكسة، بالمختصر هذه هي القلة القليلة التي ستواجهها إذا ما دخلت علاقة سامة مع نرجسي، و هذه العلاقات لا تأتي صدفة، بل نتيجة الفراغ العاطفي الذي كان يملأك قبل الدخول فيها، إضافة إلى بعض الخصائص التي تجلب الشخصية النرجسية إليك و تجعل منك الفريسة المنتظرة، و الله مشاعر لا يمكن وصفها بعد العناء الذي كلفك روحك، و لكن لكل مشكلة حل، ففي هذا الكتاب ستجد بين طياته ما هو النرجسي و ما هي صفاته و ما الآثار السلبية التي يتركها فيك و العديد من التساؤلات التي تجتاح عقلك الآن، و كل هذا يتجلي في رسائل كتبتها ضحية نرجسي.
هي حكاية فتاة تروي حياتها مع نرجسي، ضاعت في متاهة حبها له، بل و كان بالنسبة لها ذلك النور المضيئ، الذي سيخرجها من عالمها المظلم الذي كانت محبوسة بين ثناياه، هي رسائل تروي معاناة فتاة في عمر العشرينات، رسائل تتأرجح بين الخيبة و الألم و الأذى الذي استوطن داخلها و أبى الخروج، تروي المشاكل و التناقض الذي عاشته وسط حبها الكبير له و حبه المزعوم اتجاهها، و تروي أيضا أحداثا جعلتها جثة مرمية على مسرح ذلك الشاب و أحداثا أخرى جعلتها تشفى من نرجسيته التي سكبها في أعماقها، و كيف استطاعت أخيرا التخلص منها و الهروب من مخالبه المؤذية، حيث أنها بعد أسبوع من آخر محادثة لهما قررت أن تكتب له رسائل لن تصل، رسائل يغمرها الفراغ الذي تركها فيه و المآسي التي سببها لها.
مقتطفات من كتاب رسائل لن تصل:
- "هاقد مر أسبوع منذ آخر محادثة لنا، حيث أني الآن أكتب لك و قلبي في مأتم مما حصل، و لم أجد طريقة لأرتاح بها سوى أن أشكو لك كل هم."
- " أجل، لازلت أتذكر ذلك اليوم بتفاصيله السيئة التي حدثت، لازلت أتذكر الساعة و المكان الذي كنت أجلس فيه، حتى و إني لازلت أتذكر تلك الثياب التي كنت أرتديها، و ملامح وجهي التي يستصعب على أي شخص فهمها، لا زلت أتذكر مكان كأس الشاي الذي كنت أحتسيه، و موضع حبة الكعك بجانبه عندما وصلتني رسالتك التي أدخلت قلبي في غيبوبة لا مخرج منها، أحسست و كأني صُعقت من الداخل، و كأن تيار الدم الذي كان يسري في عروقي توقف، أحسست و كأن يداي قد شُلتا عن الحركة، و أني أصبت بالبكم الذي لا يشفى."
- " صفعة أتت من حيث لا أحتسب ،و رطمتني بقوة لأستيقظ من شِبه الأحلام الغبية تلك، لم أعرف كيف أتصرف، و لا ماذا أفعل، بقيت تلك الكلمات تدور في عقلي مثلما تدور عقارب الساعة بشكل غير منتهي، حاولت أن أترجمها و أخفف من مرارتها كي أستطيع تجرعها دفعة واحدة، لكني لم أستطع.."
- " تفكيري لم يتقبل تلك الكلمات لمدى القساوة التي وصلت إليها، فلو كان القلب حجرا لاهتز من ذلك، هدّت كياني، و ألمت جوارحي، و جعلت من نيران حزني تزداد لهيبا، حتى أحدثت في روحي شظايا طارت بها رياح الحسرة و الألم إلى حيث التفكير الذي لن ينتهي."
- " هو يوم أحدث بقعة سوداء في داخلي، أظن أن البقعة كانت في ركن من أركان قلبي الأربعة ، كانت أيضا في جزء من ذاكرتي، بل و كانت تستوطن كُلي ، يا عجبا كيف يستهين البعض بمثل تلك الأمور التي نعتبرها جدية ، كيف لنا أن نتقبل زوال شيىء كان قد استحوذ على قلوبنا و طغى علينا، كيف سنتقبل العيش بين ثنايا واقعنا المرير، بينما نحن أساسا لم نتقبل ذلك الواقع.."