كتاب سجن الأحزان تأليف مجموعة مؤلفين تحت إشراف بوڨرة لبنى- Ebooks-Pdf
خفي في الفؤاد قابع ، لا يُحكى ولا يُروى و لا يسمعه سامع، يمتثل في العزلة و الوحدة
و عقل تمتلكه أنت له خاضع ، مدججٌ بسيوفٍ أنصالها حادّة كسُمٍّ لاذع، ها أنت ذا
تفرّ و إني أرى على قلبك ران فأهلا بك في سجن الأحزان.
لَا
زلتُ كل ليلة أقرأ مذكرتكِ خفية، وَ أقْرَأ كَيْف كنتِ قَد كتبتيه، أُحَاوِل فَهُم ما بين السُّطُور، وأحاول أن أفهم مدى حبُّكِ لَه وَ لَا زلتُ آمُلِ أَنْ أَجِدَ نَفْسِي
بَيْنَ السُّطُورِ فِي صَفْحَةِ مِنَ الصَّفَحات، أَنْ أَجِدَ
نَفْسِي رُبَّمَا فِي كلمةٍ قَد
اخترتِني عنوانًا لَهَا، أُرِيدُ أَنْ أغادر هَذَا الْبَلَدِ لِكَي أَنْسَاك، أَنْسَى الشَّوَارِع
الَّذِي مَرَرْنَا بِهَا سَوِيًّا، أَنْسَى مِن ابْتَسَم لَنَا فِي الطَّرِيقِ، أَنْسَى هتفات الْأَطْفَال وَهُم يقولون (أطلقها ) مَع قَهْقَهَتَهُم، أَنْسَى صَاحِب الْمَطْعَمِ الَّذِي اعتاد رأيتنا سويا في كل مرة، أَنْسَى مَشَيْنَا عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَ رَمْي الْحِجَارَة
مَعًا، أَنْسَى بَائع الْوَرْدِ الَّذِي يحرجني دَائِمًا بطلبه أنْ
أَشْتَرِيَ لَك وَرَدَّه وَ مَعِي دَنَانِير قَلِيلِة، أُرِيد نِسْيَان
ضحكتي الَّتِي كُنْتِ تحبينها، حَتَّى إنَّنِي تَجَنَّبْت الشَّارِعُ
الَّذِي كُنَّا نَلْتَقِي فِيهِ، نَسِيتيني بِهَذِهِ السُّهُولَةِ، كَيْف لَك
أَنْ تَنْسَي قَلْبا أَحَبَّك يوماً، كُنْت أَعْنِي لَك كُلَّ شَيء، هَل نسيتي؟ أَخْبَرْتُكِ عَنْ فِيلْمِي الْمُفَضَّل وَ لَكِنَّك فُضِّلَت
النَّوْمَ عَنْ مُشَاهَدَتِه، رُبَّمَا هَيَّا أَشْيَاء بَسِيطِة وَ لَكِنَّك
خذلتني، أَنَا الْآنَ لَسْت مُفَضَّلًا لَدَيْك ، مَا عُدَّتْ أبْحَثْ عَنْ الشَّغَف، مَا أبْحَث عَنْه مجرّد أحَرْف قرّرت أَن تلتفتي
بِها إليّ، وَ لَكِن كعادتي أَعُود لفراشي
وَ الْحَسْرَة تَعْلُوَنِي، آخَذ قَلَمِي و مذكرتي،ثم أَشْعَل شمعة ضَوْءُهَا خَافت كقلبك، أَعْقَد الْعَزْمَ أنْ هَذِهِ
آخِرُ مَرَّةٍ أحدّث الْأَوْرَاق عنكِ، و أمضي بدمعةٍ أَوْ
اثْنَتَيْنِ، فِي الْغَدِ أُقَابِل نَفْس الْأَوْرَاق عبوسةً، وَ تِلْك الدُّمُوع الَّتِي قَدْ تركتُها تَشْهَد إنِّي أَخْلَفَت
وَعَد الأمْس.
الحزن
و السعادة وجهان لعملة واحدة هي القلب، تارة
نفرح و تارة نحزن، هذه هي الحياة و مجاريها و ما علينا إلا المشي فيها و تقبل كل ما يصدح في وجهنا سواء كان لنا أو علينا، لا
ننكر أنه من المؤلم جدا أن تجد نفسك منهارا داخليا ؛ لدرجة البرود و تدخل في عالم اللاشعور القاتل ؛ و رغم كل هذا تقاوم و تبتسم و كأن شيئا
لم يكن، لماذا يا ترى؟ ، نكبح مشاعرنا و ندفنها، و نحتفظ بها في الأعماق، نتركها تفتتنا و لا نخرجها للعلن، لماذا نخبئها بين ثنايا أعمق نقطة في
كياننا، و نغطيها بلحاف السعادة المزيف السطحي، هل لكم
أن تتخيلو حين يشتد بنا التعب أو السقم؟ ، نجد أعيننا تغمض لوحدها، حالها حال قلوبنا التي تسئم من الألم و الحزن، تتعب و تغلق الأبواب على كل فرح و ابتسامة، و نكتفي بعدها بأحزاننا و آهاتنا، و نطوي و نعزل أنفسنا، نعم ننعزل، أو ليست العزلة أهون؟ أو ليست العزلة مأوى لكل قلب ذبل؟
في كل
ليلة أعود لوحدتي، أتأمل سقف غرفتي، و أفرغ كؤوس الخيبات على قلبي، أحزاني تجسدت في ثنايا جسدي، أغرق في بحر وحدتي تائهة ، ترى على ماذا أحزن؟ ، لم يبقى لي شيء أحزن عليه ؛ حتى ذاك القلب الذي أمنته على قلبي حطمني و مضى، لوهلة ظننت أنني المذنبة، أدمنت حبه و ضحكاته، و كلامه المصحوب بنبرة صوته، ألجأ إليه كصغير يختبيء حول أمه، و يسرد لها أسراره، كان بمثابة سند لي، أمضيت سنوات أسقيه اهتماما ليزهر، لم أرد يوما إيذائه، صرخات حنجرتي تأبى الخروج، لو خرجت لانفجرت السماء و النجوم و الكواكب حزنا لفراقه، لماذا؟، لماذا كل هذا العبىء الذي زاد ظهري ثِقلاً، لماذا هان عليه الرحيل، أسأل نفسي مرارا و تكرارا، أهنت عليه لهذا الحد، لا أصدق أن كل شيء كان كذبة، لا بل رواية قصيرة قام كاتبها المتمرد بكتابة نهاية حزينة غير
متوقعة ختمها بالفراق.
مقتطفات من كتاب سجن الأحزان: - "شجن شجيُّ شجاني، و في قعر بئر شوقك و لهفتي بك رماني ، حدّ الثمالة من حرمانك و قساوتك تجرعت الخيبات و مطبات الزمان، أشتاق و البسمة ترتسم بكلماتك.."
- " كيف لا أجن و أنا معه أحن؟ ، كيف أنسى و الدمعات لم تجف بعد ؟ ، كنا
مجرد أصدقاء و لم أعره أي من الإنتباه، تعودت
عليه بمرور الأيام، صوته
سكن ذاتي، و روحه
ملكتني.."
- " أبي،
إني تائهة بدونك، سافرتَ إلى عالم جميل تحت رحمة الخالق، لكنك تركتني داخل عالم
مليئ بالذئاب؛ لا ترحم أبدا، تنتظر اللحظة المناسبة لتصطاد فريستها، و تنهش لحمها
غير عابئة بكيانها و براءتها،اشتقت لك يا أبي.."
- " ظللت
أضيىء على الجميع حتى إنطفئت، و لم أجد لي منهم من يضيئني، ظننتهم مثلي طيبين و لكن اتضح كم كنت ساذجة، يا للأسف، فلا أحد يهتم بسعادتي، بل إني أراهم يتسابقون لإيلامي
و كأنهم يستمتعون بحزني، صدقني لا أحد يدوم لأحد و ما هم إلا محطات في حياتك
فلا تضع حياتك لأجل إرضاء أحد أو جعله يحبك."
تحميل كتاب سجن الأحزان Pdf: